الحمد لله الذي يرحم ضعف عباده حين تضيق بهم السُّبُل، ويجبر كسر قلوبهم إذا أثقلتها الهموم، ويفتح لهم أبواب رحمته في اللحظات التي يعجز فيها كل سبب. نحمده حمد المحتاج إلى عطفه، ونستعينه استعانة الملهوف الذي لا يرى ملجأً إلا إليه، ونستغفره من كل زلة وخطيئة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين. أمّا بعد:
أتقدّم إليكم اليوم وقلبٌ مثقل يسبق قلمي، محمّلًا بما لم أعد أقدر على حمله وحدي. ما أضعه بين أيديكم استغاثة إنسان ضاقت به الدنيا من كل جانب، وأصبح لا يملك إلا أن يطرق أبواب الرحمة، راجيًا من الله ثم منكم نظرة مساعدة تُخفّف ما أثقلته الظروف على كتفيّ وعلى مستقبل اثنين من الأبناء كُتِب لي أن أتحمّل مسؤوليتهم منذ زواجي بأمهم في أوائل 2020؛ مازن الذي كان في الخامسة عشرة مقبلًا على الصف الثالث الإعدادي، وماهينور التي كانت في الثالثة عشرة مقبلة على الصف الأول الإعدادي.
أكتب إليكم بصدقٍ كامل، بعد سنوات كان كل ما فيها سعيًا لحماية مستقبلهم وبناء أرض ثابتة يقفون عليها، حتى لا يذوقوا ما ذقته أنا يومًا حين اضطررت للتخلي عن حلمي. واليوم… لا أكتب من موضع قوة، بل من موضع رجاء، في لحظة لم يبق لي فيها إلا الدعاء والأمل ومدّ يد العون ممن يستطيع.
أنا واقف دلوقتي قدّام وضع صعب أكبر من احتمالي، ومستقبل الولاد للأسف واقف على حافة السقوط. وعلشان الصورة تبقى واضحة: المسار التعليمي اللي مازن وماهينور ماشيين فيه النهارده ما بدأش في ظروف زي اللي أنا فيها دلوقتي… بالعكس تمامًا.
المشوار ده بدأ من أكتر من أربع سنين، من وقت ما نقلتهم لنظام الـ IG في بداية 2021، في وقت كانت ظروفي مستقرة وكنت قادر أتحمّل تكاليف الطريق ده وأدعمه خطوة بخطوة لحد ما وصلوا النهارده للجامعة الألمانية.
وبعد ما طموحهم ارتفع، ومستقبلهم اتفتح على فرص أفضل، صعب جدًا عليّا إني أسيب المسار ده يتكسر قدّامهم بسبب ظروفي الصعبة الحالية، وأنا مؤمن إن ده وضع مؤقت، وإن – بإذن الله – أول ما أستعيد عافيتي وأقدر أرجع للشغل أو أحصل جزء من مستحقاتي القانونية اللي بتتجاوز ٥٠٠ ألف درهم في محاكم دبي والشارقة (أحكام نهائية وباتة وفيها ملفات تنفيذ شغّالة فعليًا – وراها قصص وتفاصيل معقدة لا مجال لذكرها هنا)، هقف على رجلي تاني وهسدّد كل اللي عليّا بالكامل.
لكن دلوقتي، قبل أي خطوة لقدّام، في التزامات عاجلة لازم تتسدّد في مواعيد نهائية ثابتة، وهي اللي هتحدد إذا كانوا هيكملوا طريقهم… ولا لأ.
مازن:
– ١١٤ ألف جنيه قبل ١٧ ديسمبر: علشان يدخل امتحانات الترم التاني بتاع السنة اللي فاتت وما يتفصلش نهائي.
– وللتسجيل في سنة تالتة:
1- ٨٥ ألف جنيه قبل ١٧ ديسمبر
2- ٥٥ ألف جنيه قبل ١٧ يناير علشان يدخل امتحانات الترم الأول من سنة تالتة.
ماهينور:
– ٧٠ ألف جنيه قبل ١٧ ديسمبر (الدفعة التانية) علشان تقدر تدخل امتحانات الترم الأول من سنتها الجامعية الأولى. هي مش مهددة بالفصل، لكن من غير الدفع مش هتمتحن.
يعني أنا محتاج تقريبا 25 ألف درهم علشان أغطي المصاريف المتأخرة ويدخلوا إمتحاناتهم. على الأقل الترم ده، لحد ما ربنا يفرجها عليا من أي باب من فضله الواسع. وإن شاء الله أقدر أكملهم رحلتهم للآخر.
وده كله بيحصل وأنا لسه بتعافى من إصابة كبيرة، من غير شغل، ومن غير أي مصدر دخل… وده اللي مخلّي الموقف كله ضاغط ومؤلم أكتر مما أقدر أستحمله لوحدي.
وأيّ حد يمدّ لي إيده في الوقت الحرج ده، بوعده إني هكون واضح وصريح من أول لحظة، وكل التفاصيل هتبقى قدّامه من غير ما أخبّي حاجة. وأي معلومة يحب يتحقق منها، من حقه يسأل ويتأكد بالطريقة اللي تريّحه.
لكن طلبي الوحيد… إن أي مساعدة أو ترتيب يفضل بيني وبين الشخص اللي يختار يساعدني بس، وما يوصلش منه حاجة للولاد.
لسببين بسيطين وواضحين:
– أولًا: الموضوع هيحرجهم جدًا.
– وثانيًا، وده الأهم: أنا يهمّني تربويًا إنهم يفضلوا شايفين إن أنا واقف جنبهم وبكمل مشوارهم للنهاية لحد ما
ياخدوا شهادتهم. لسه فيه حاجات مهمة في تربيتهم عايز أكمّلها معاهم.
وعشان كده، أتمنى إن أي دعم — مادي أو معنوي — يتم بينا في أضيق نطاق ممكن… سرّ لا يعلمه إلا الله.
كبرتُ في السعودية وسط بيئة مستقرة، ودراسة سليمة، وتربية متوازنة… وده كان ليه أثر عميق في تكويني. لكن بعد رجوعنا لمصر سنة 1995 انفجرت مشاكل أسرية صعبة جدًا قلبت حياتنا، واستمرت لسنين طويلة. ورغم كل ده، قدرت أكمّل الثانوية العامة بمجموع أهلّني أدخل كلية الهندسة – حلم عمري.
لكن دخلت بعدها في دوامة مادية ونفسية خانقة، مكنش معايا أي دعم، لا مادي ولا معنوي. وقعت في الهوة اللي بين "اللي أستحقه" و"اللي قادر أوصله"، لحد ما اتفصلت من هندسة بعد سنتين بسبب ظروف أقوى مني، مش بسبب ضعف أو قلة اجتهاد. ومن هنا بدأت رحلتي اللي كلها كفاح.
اشتغلت وابتديت من الصفر، وبنيت نفسي بجهدي، وتعلمت الـ IT لوحدي، وقدرت أحقق نجاحات كويسة، لكن فضلت دايمًا أحارب نفس النقطة: غياب شهادة الهندسة حرمني من الفرص اللي كنت مؤهَّل ليها فعليًا.
عمري كله كنت بين قدراتي الحقيقية… وبين فرص السوق الضيقة اللي مش بتشوف غير "واحد بتاع IT". الفجوة دي فضلت تطاردني سنين، وخلّتني دايمًا أحس إنّي "وقعت من قعر القفة"، رغم إنّي كنت قادر، ومجتهد، ومكمّل.
وعلشان كده بالذات اخترت لأولادي (لأني والله بعتبرهم كده من يوم ما إتجوزت أمهم) مسار تعليمي مختلف. مش عايزهم يعيشوا نفس المسافة المؤلمة بين إمكانياتهم وبين فرصهم. عايزهم يبقوا في بيئة تعليمية محترمة، واضحة، وبتفتح لهم كل الأبواب من أول يوم… علشان لو تعبوا واجتهدوا، يوصلوا. مش يقعوا في النص.
وده السبب الحقيقي اللي مخلّيني متمسّك قد ما أقدر إني أكمّل الطريق ده معاهم للنهاية.
بعد جوازي من والدتهم في 2020، وقبل ما تضرب جائحة كورونا وتغيّر حياتي بالكامل، بدأت أفكر جدّيًا في نقل الأولاد لنظام الـ IG بعد انتهاء المرحلة الإعدادية. وقتها كان مازن داخل على تالتة إعدادي، وماهينور في أولى.
1- التجربة الشخصية والدافع للتطوير:
بحكم تجربتي الشخصية في سوق العمل والتحديات اللي أنا قابلتها ومعرفتي بقيمة التعليم الجيّد، كنت حريص إنهم
ياخدوا فرصة تعليم أفضل تضمن لهم مستقبل مهني قوي وفرصة حقيقية لحياة كريمة.
2- الهروب من مستوى التعليم الحكومي المتدهور:
مستوى التعليم الحكومي وقتها كان بينحدر سنة عن التانية، رغم إن الأولاد كانوا في مدرسة خاصة بتدرّس منهج وزاري
إنجليزي (National)، ومدرسة محترمة تربويًا ودينيًا وتركت فيهم أثر طيب جدًا ولله الحمد.
لكن مع تغيّرات الثانوية العامة اللي كانت بتحصل كل شوية، والصُور اللي كانت بتطلع من النظام وقتها، حسّيت إن الأفضل إننا نخرج من الدوّامة دي قبل ما نلاقي نفسنا متأخرين.
3- مقارنة التكاليف وقت اتخاذ القرار:
وقتها كنت لسه مشغّل مشروعين صغار ومتفائل إنهم هينجحوا. قبل ما كورونا تضربنا وتقفل المشروعين وتوقعني في ديون
وصلت تقريبًا لـ 150 ألف درهم.
لكن الحقيقة إن رسوم المدرسة اللي دخلنا فيها الأولاد، بالإضافة إلى مصاريف المواد والامتحانات، كانت وقتها قريبة جدًا من تكلفة الثانوية العامة بعد حساب:
– الدروس الخصوصية
– السناتر
– المواصلات
– تضييـع الوقت
– والمجهود الكبير اللي مش بيقابله تعليم حقيقي
وبصراحة… الاختيار ماكنش صعب. كنا شايفين إن الـ IG أكفأ وأفضل وأريح.
4- ترتيب أوراق احتمالات السفر والهجرة:
كمان كان عندنا أمل إنه لو الظروف سمحت — قبل كورونا — نقدر نجيب الأولاد يعيشوا معايا هنا في الإمارات، أو حتى
نخطّط لهجرة منظمة في مكان تاني. ونظام الـ IG كان هيخلي انتقالهم لأي بلد أو مدرسة أو جامعة أسهل بكتير ومن غير
ما يضطروا يبدأوا من جديد.
بعد ما مازن خلّص الصف الثالث الإعدادي، قدمنا له في مدرسة IG وكان لازم يدخل امتحان قبول في الرياضيات والإنجليزي. المدرسة وقتها كانت عاملة كلاس مخصوص يشرحوا فيه المنهج اللي هيمتحنوا عليه، وهو التحق بيه. وبدأت أشتغل معاه… مذاكرة أونلاين على زووم، تركيزي كله كان على الرياضيات لأنها كانت دايمًا المادة اللي أعرف أساعده فيها أكتر.
مازن وقتها كان طالب عادي. لا هو شقي ولا مهمل، بس مكانش متفوق. مكانش عنده صعوبة تعلم، ولا عدم ثقة، ولا أي مشكلة… هو بس كان شايف المدرسة مكان يقابل فيه أصحابه اللي كانوا محور حياته. ومكانش مهتم بالدراسة نفسها أكتر من النجاح وخلاص، وده كلام قاله ليّ بصراحة من أول أيام تعارفنا قبل الجواز.
حاولت أقرب له، أشجعه، أحمّسه على مدار دراسته في ثالثة إعدادي… لكن الظروف كانت صعبة. شغلي كان واقف بسبب كورونا تقريبًا سنة كاملة، وهما في مصر بدأو الدراسة أونلاين والتخبط اللي كلنا فاكرينه.
1- نقطة التحول: اكتشاف مازن لنفسه لأول مرة
لما بدأت أشتغل معاه على الرياضيات كان بيستجيب معايا بسرعة شديدة جدا وكان مبسوط جدا وفجأة قال عبارة مهمة جدا لمامته وهي قالتهالي جملة عمري ما هنساه:
"إنه كان مفكر نفسه مبيفهمش زي الأذكياء المتفوقين اللي معاه في المدرسة وإن هما كانوا متفوقين علشان هما أذكياء وهو مش قدهم ،،، والحتة المهمة بقه،، إنه قال إنه إكتشف إنه بيفهم بس مكانش عارف"
وأنا طبعا الكلام ده بسطني جدا وقتها وعرفت إنه هيكمل وهيدخل هندسة فعلاً إن شاء الله، مع إنه هو شخصيا مكانش عارف ده لسه.
ومشهد تاني حصل في الأيام دي عجبني جدا: كان بيذاكر وسأل مامته سؤال في الرياضيات، وكانت مشغولة، وخالته ماعرفتش تشرحهاله… فقال بكل بساطة: "خلاص خلاص… هبقى أسأل عمو."
ودي حتة عجبت أمه وعجبتني طبعا لأن خلال السنة الأولى من الجواز وبسبب كورونا كنا مقضيينها أونلاين بس وعلى حسب ما الظروف تسمح، وكنت بحاول أكسب ود الولاد وأكون علاقة أحسن معاهم ومازن كان أكثر قبولا وأريحية في التعامل معايا عكس ماهينور اللي كانت قافلة مني إلى حد كبير وحاطة حواجز كبيرة ومعقدة بيني وبينها وطبعا ده أخر كتير التأثير اللي كنت عايز أعمله معاها وهيفضل معانا سنين بعد كده.
وبالفعل… مازن نجح في امتحان القبول من أول مرة وبمنتهى السلاسة.
2- مازن في الـ IG: تحول كامل في الشخصية
من قبل ما يدخل الـ IG وهو بدأ يتغير… وبعد ما دخل، التغيير بقى واضح جدًا:
– مذاكرة بجد
– ثقة أكبر
– حب الرياضيات
– وانسجام قوي مع جو المدرسة الجديد
والأجمل إن ده انعكس مباشرة على أخته ماهينور اللي بدأت تبقى فخورة بيه بطريقة كبيرة جدًا… وكأنه أول شخص في حياتها تقدر تعتمد عليه نفسيًا. الولد بقى قدوة حقيقية من غير ما يقصد.
3- دخول ماهينور للـ IG: الرحلة الأصعب
وضع ماهينور كان مختلف تمامًا من البداية… وعشان نديها فرصة أكبر في التأسيس قبل ما توصل لمرحلة ما يعادل الثانوية العامة، قررنا ننقلها للـ IG سنة بدري. وهنا ظهر أول تحدّي كبير.
امتحان القبول: البداية الصعبة
أثناء التحضير لامتحان القبول — رياضيات وإنجليزي — كانت الصورة واضحة جدًا:
• الإنجليزي بالنسبة لها كان لغتها الأولى حرفيًا،
• لكن الرياضيات… مفيش أي أساس.
بدأت أشتغل معاها أونلاين، لكن الحواجز اللي كانت بينها وبيني كانت عالية جدًا وقتها، والشغل عن بُعد ما ساعدش إن الحاجز ده يتكسر.
جبنالها مدرسة خاصة في البيت، وكانت في نفس الوقت بتحضر الدروس التحضيرية بتاعة المدرسة… ورغم كل ده:
• دخلت الامتحان ومنجحتش.
• زعلت جدًا… انكسرت…
• ذاكرت تاني… وبضمير…
• ودخلت الامتحان مرة تانية… وبرضه منجحتش.
كانت متأثرة نفسيًا بدرجة صعبة. لكن بعد مفاوضة طويلة مع إدارة المدرسة، وافقوا يقبلوها.
كانت فرحانة إنها اتقبلت، لكن زعلانة من نفسها… وفرحتها الأكبر كانت إنها هتبقى في نفس مدرسة أخوها، اللي كان بالنسبة لها كل حاجة في الدنيا وكانت فخورة بيه جدًا.
4- تحوّل ماهينور التدريجي
دخلت ماهينور الـ IG وسط ناس جديدة وزمايل جداد… وهنا ظهر الوجه التاني منها:
• اجتهاد مضاعف
• مذاكرة بجد
• روح تحدّي عالية جدًا
• وإصرار إنها تثبت لنفسها قبل أي حد إنها قدّها
شخصيتها بدأت تتحسن… ثقتها بنفسها رجعت تدريجيًا… وسلوكها بدأ يتغير مع الوقت.
أما علاقتها بيا، فبدأت تتحسن واحدة واحدة… على الهادي جدًا. كانت بتحاول، وكان واضح إنها بتحاول، لكن كان لسه في حاجز نفسي كبير مانعها. والشغل أونلاين والمسافة ماكنوش بيساعدونا.
ومع ذلك، نزلت مخصوص علشانها، وجبتهم عندي أكثر من مرة علشان نقرّب المسافات، وكنت صابر… كل همّي إنها تستعيد نفسها قبل أي شيء.
مستوى المواد… ومحاولتها مع الرياضيات
مع الوقت، بدأت مذاكرتها تبقى أحسن… والرياضيات اتحسنت، لكن لحد أول مستوى بس. المستوى التاني كان فوق طاقتها… حاولت، لكنها معرفتش تكمل.
وكانت ساعتها بتفكر تدخل هندسة، وأنا ومامتها دعمناها، لكن في النهاية هي بنفسها اكتشفت إنها مش مناسبة للمسار ده. وفي الآخر استقرت على دراسة التصميم… وده كان اختيار أنسب لشخصيتها وقدراتها. وطالما هي عايزة الموضوع ومستعدة تجتهد، فإحنا معاها لآخر الطريق.
5- النتائج: رحلة نجحت… وكان لها ثمن
مازن خلّص الـ IG بدرجة ممتازة، وقدر ياخد خصم كويس جدًا في الجامعة الألمانية، وحقق حلمه ودخل هندسة. نجح في السنة الأولى، ونجح في الترم الأول من السنة التانية… لكن اتمنع من دخول الترم التاني بسبب الموقف اللي أنا فيه الوقتي.
مازن وماهينور من يوم ما دخلوا الـ IG، اتغيّروا 180 درجة. حبّوا الدراسة بجد… اندمجوا فيها… وبقت هي شغفهم الحقيقي. ومن وقتها وهما مجتهدين لأقصى درجة، بيذاكروا بضمير وبإخلاص، ومركزين في مستقبلهم خطوة بخطوة.
ومازن… رغم إنه موقوف بقاله ترمين، ما إستلسلمش، لسه بيذاكر لحد النهارده، ولسه ماسك في حلمه ومستني اليوم اللي فيه هيرجع يمتحن ويكمّل دراسته وياخد شهادته اللي حلم بيها وتعب علشانها.
وبكل أمانة؟ أنا مستعد أعمل أي حاجة في الدنيا علشان أديهم فرصتهم للآخر… وأشوفهم مكملين تعليمهم... ومسمحش إن الظروف اللي أنا فيها دلوقتي تكسر حلمهم اللي بنوه بإيديهم.
من يوم ما بدأت طريقي وأنا بحاول بأقصى جهدي، وعمري ما قصّرت في شغل أو مسؤولية ولا في بناء نفسي. اجتهدت على قدّ ما أقدر، وربنا شاهد إن عمري ما تهرّبت من تعب ولا تباطأت عن سعي.
لكن جت عليّ ظروف فوق قدرتي… بدأت مع جائحة كورونا اللي وقفت الشغل والدخل طويل جدًا، ومن بعدها الدنيا ما استقرتش لحظة. كل ما أبدأ أرجع تاني ألاقي باب بيتقفل أو أزمة جديدة بتشدّني لورا.
لحد ما حصل حادث إبريل 2024. اللي حصل كان امتحان كبير… إصابة صعبة، عمليات متعددة، وعلاج طويل ومجهد مادّيًا ونفسيًا. والحمد لله دائمًا، ثم بفضل أهل الخير اللي وقفوا معايا، عدّيت أكبر الخطر، وربنا نجا رجلي من إنها كانت تضيع.
ورغم كل ده، أنا راضٍ تمامًا بقضاء ربنا وقدره… ما عندي أي شكوى من النصيب، ولا أي اعتراض على اللي كتبه الله. الحمد لله في كل حال.
إنما أكثر ما يكسّر قلبي فعلًا… إنني بسبب ظروفي الصحية والدخل المتوقف مش قادر أكون السند اللي أولادي محتاجينه. حلمهم اللي بنيته خطوة بخطوة، واللي تعبت عشانه سنين، واقف النهارده على حافة ضياع… وأنا عاجز أصلحه أو أحافظ عليه.
وهنا بيظهر رجائي في أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة… الناس اللي عندهم إحساس أبوي أصيل، واللي بيشوفوا ولاد غير ولادهم، ويحنّوا عليهم كأنهم من بيتهم.
يمكن بإيدكم ترجع خطوة كانت ضايعة… وبعونكم يكمل الأولاد طريقهم اللي تمنّيته لهم من قلبي. وأسأل الله ألا يريكم في أولادكم إلا كل خير، وأن يجعل عطاءكم في ميزان حسناتكم.
وأنا عارف كويس إن أي مساعدة تتقدم لي دلوقتي هي دين في رقبتي… دين ما يسقطش غير يوم ما أقدر أسدّه، ومش ممكن أنساه طول عمري.
وعلشان كده، قدّام ربنا الأول، وقدّام أي حد يمدّ لي إيده… أنا متعهد إني أوّل ما ربنا يسهّل وتكون عندي القدرة، هاردّ كل درهم يتدفع عني من غير تردد.
سواء كان السداد من مستحقاتي المالية اللي لسه ليّا في محاكم دبي والشارقة عن شغل سابق، واللي ربنا يقدرني ويمكني من إني أقدر أحصل منها أي جزء في أقرب وقت.
أو أول ما أقدر أرجع أشتغل تاني، أو حتى لو قدرت بعدها آخد قرض شخصي بس علشان أرجّع حق الناس كامل.
الدَّين ده عمره ما هيضيع طول ما أنا عايش… ومش هقبل يفضل في رقبتي لحظة واحدة بعد ما ربنا يفتح لي باب للسداد.
كل اللي محتاجه دلوقتي… إنّي أعدّي الأزمة دي، وأخلي الولاد يكملوا طريقهم لحد آخره. وبعدها، أي التزام أو مسؤولية تخصّني… أنا هتحملها بالكامل بعون الله.
إلى جانب المساعدة اللي محتاجها علشان أعدّي الأزمة دي، كل اللي بتمناه هو إني ألاقي فرصة شغل أرجع بيها أقف على رجلي من تاني.
أنا عندي خبرات كبيرة اشتغلت بيها سنين طويلة… من إدارة مشروعات، وتطوير أنظمة، وشغل الشبكات والتقنية، والتحول الرقمي، لحد المهارات الإدارية والكتابة وتحليل البيانات وإدارة العمليات.
وعارف إني لما أرجع، هقدر أضيف في أي مكان أشتغل فيه… وهعوض بسرعة كتير من اللي انكسر في حياتي خلال السنين اللي فاتت.
كل اللي محتاجه هو باب واحد يتفتح… فرصة حقيقية أقدر من خلالها أرجّع قدرتي على إني أوفّر حياة كريمة لولادي، وأردّ الجميل لكل حد وقف جنبي في محنتي.
أنا مش بطلب وظيفة كحل وقتي… أنا بطلب طريق أبدأ منه من جديد: أبني نفسي، وأسدد اللي عليّ، وأرجع للوقفـة الشريفة اللي كنت عليها قبل ما المصايب والظروف تكسرني واحدة ورا التانية.
وأنا واثق إن ربنا مش هينسى حد حاول… ومش هيضيّع تعب أي بني آدم اتكل عليه من قلبه.
وفي ختام خطابي هذا، لا يسعني إلا أن أتقدّم بخالص الشكر والتقدير لكل من يقرأ كلماتي ويمنحها ولو لحظة من وقته واهتمامه… فمجرد أن يصل صوتي إلى قلبٍ يسمعه يكفيني لأشعر أنني لست وحدي في هذه المحنة.
أسأل الله أن يجعل في قلوبكم رحمة، وفي خطواتكم توفيقًا، وأن يردّ إليكم أضعاف ما تقدّمونه من خير، وأن يحفظ أبناءكم وأهلكم من كل سوء، وأن يجعل لكم بكل نظرة مساعدة صدقةً جارية لا تنقطع.
وما زال رجائي قائمًا في أهل الخير والقلوب الطيبة… في كل من اعتاد أن يقف مع المرهَق حين تشتد عليه الدنيا، وأن يمد يده لمن أثقلته الظروف. فالدنيا ما زالت بخير، وما زال في الناس من يُحيي الله بهم الأمل في القلوب التي أنهكتها الأيام.
وإن كان من يقرأ خطابي لا يملك القدرة على المساعدة الآن، فتكفي الإشارة… يكفي أن يدلّني على من يستطيع، أو أن يبعث له هذه الرسالة إن رأى فيه خيرًا وبركة.
ويكفيني أن يدعو لي بظهر الغيب أن يوقف الله معي من عباده من يقضي حاجتي، وأن يحقق لي أمنيتي في أن أكمل رحلة تعليم أولادي للنهاية…
وختامًا، أتقدّم إليكم بكل احترام، راجيًا النظر في خطابي بعين المروءة التي عهدناها من أهل الفضل، سائلاً الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم، وأن يكتب لي ولكم من الخير ما لا تبلغه قدرتنا ولا تصل إليه أمنياتنا.